قال الخبير القانوني صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، إن قرار وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس القاضي بمنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة مئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع، ويعكس توجهاً ممنهجاً نحو شرعنة جرائم الحرب واستمرار سياسة العقاب الجماعي بحق الأسرى والشعب الفلسطيني بأسره.
وأوضح عبد العاطي لصحيفة "فلسطين" أمس، أن هذا القرار يُعد إعلان حرب على المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني الذي يُلزم قوة الاحتلال بتمكين اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الوصول إلى المعتقلين ومراقبة أوضاعهم المعيشية والإنسانية دون قيود أو عراقيل.
وأشار إلى أن المادة (126) من اتفاقية جنيف الثالثة، والمادة (143) من اتفاقية جنيف الرابعة، تمنح الصليب الأحمر حق الزيارة الدورية لجميع أماكن الاحتجاز بهدف التحقق من ظروف الاعتقال والتعامل الإنساني مع المحتجزين.
وأضاف أن القرار الإسرائيلي يمثّل محاولة خطيرة للتعتيم على الجرائم اليومية المرتكبة داخل السجون، من تعذيب وإهمال طبي وتجويع وعزل انفرادي، وهو ما يفسر إصرار الاحتلال على منع أي رقابة دولية مستقلة يمكن أن تفضح ممارساته المخالفة لأبسط المعايير الأخلاقية والقانونية.
واعتبر أن تذرّع كاتس بـ"الاعتبارات الأمنية" لتبرير المنع حجة واهية ومخالفة للمادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تؤكد وجوب احترام كرامة الإنسان حتى في حالات الطوارئ والنزاعات المسلحة.
وأكد عبد العاطي أن هذا القرار لا يعرّي فقط سياسات الاحتلال، بل يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لمصداقيته في حماية القانون الدولي الإنساني.
وقال: "إذا مرّ هذا القرار دون مساءلة، فإن العالم يكون قد منح الاحتلال ضوءاً أخضر لمواصلة جرائمه ضد الأسرى، الذين يزيد عددهم عن عشرة آلاف، بينهم نساء وأطفال ومرضى في أوضاع إنسانية مأساوية".
وطالب عبد العاطي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعدم الاكتفاء ببيانات دبلوماسية باهتة، بل باتخاذ موقف علني وقوي يحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن منعها من أداء مهامها الإنسانية.
كما دعا الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات عملية تشمل فرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في هذا القرار، وإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتباره جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي.
وشدد عبد العاطي على أن استمرار الصمت الدولي إزاء مثل هذه القرارات يُكرّس سياسة الإفلات من العقاب التي شجعت دولة الاحتلال على ارتكاب مزيد من الانتهاكات ضد الفلسطينيين، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني لن يقبل أن يُدفن ملف الأسرى خلف جدران الصمت والتواطؤ.
واختتم تصريحه قائلاً: "قرار كاتس ليس مجرد إجراء إداري، بل جزء من منظومة قمعية تهدف إلى كسر إرادة الأسرى وتدمير ما تبقّى من القيم الإنسانية. إن مواجهة هذا القرار تتطلب تحركاً قانونياً وسياسياً وشعبياً واسعاً لإعادة الاعتبار للقانون الدولي وحماية الكرامة الإنسانية التي يحاول الاحتلال طمسها خلف قضبانه الحديدية".

